راتب شعبو

Header Image

كما يخال الطفل أن القمر قريب فيمد يده للامساك به، كذلك خلت في شبابي الأول، أو قل طفولتي المتأخرة، أن العالم لا يحتاج لكي يصبح أفضل، سوى إلى أن نبادر بحماسة إلى تغييره،  فانتهى بي الأمر إلى سجن مديد واظب على التهام سنوات عمري، ولكنه أعطاني الفرصة لأدرك جيداً كم هو بعيد القمر، وكم يحتاج الأمر إلى معرفة ومشقة وصبر لكي نبلغ شيئاً من هذا القرص الفضي الجميل، الذي يمكن أن أسميه: حرية.

كنت ولا أزال أريد تغيير العالم. لا يروق لي عالم بهذا القدر من الظلم والتمييز والقسوة والعنف. تولد الأفكار الكبرى وتموت ويبقى العالم محلاً سيئاً لغالبية أهله، ينتقلون من ولاء إلى ولاء، ومن إعجاب إلى إعجاب، ولكنهم يجدون نفسهم دائماً في المكان نفسه، ممصوصين في أرواحهم وجهودهم، ومتروكين للهامش، لحياة ضيقة. ينتفضون أحياناً بقوة عجيبة ومفاجئة، ثم يلتفتون بعد أن تتلاشى ثورتهم، ليجدوا أنفسهم في المكان ذاته. تماماً كما يتمرد الوحش على قضبان قفصه، بعد يأسه من العثور على مسافة بين قضيبين تكفي لمرور الجسد.

أكتب من أجل بلوغ القمر، ومن أجل تحطيم القفص، وإبعاد قضبانه عن أرواحنا. قد يكون فيما أكتب شيء من المعرفة، ولكن فيه الكثير من تلمس مواضع الألم فينا.